Resources
انقطاع الطمث وحقوق الإنسان: الأسئلة المتداولة
Resource date: أكتوبر 2024
المؤلف: UNFPA
Resources
Resource date: أكتوبر 2024
المؤلف: UNFPA
ما هو انقطاع الطمث؟ كم من الوقت يدوم؟
مَن يعاني من انقطاع الطمث؟ متى يبدأ انقطاع الطمث؟
ما هي أعراض انقطاع الطمث أو تأثيراته؟ كيف يمكن التعامل مع الأعراض؟
كيف يمكن تخفيف أعراض فترة انقطاع الطمث؟
هل مِن مخاطر صحية معينة مرتبطة بانقطاع الطمث؟
هل تبقى النساء ناشطات جنسياً عند بلوغهن مرحلة انقطاع الطمث؟
هل من الممكن الإصابة بعدوى منقولة جنسياً أثناء انقطاع الطمث؟
هل يؤثر الانتماء العرقي والإثني على انقطاع الطمث؟
ما علاقة انقطاع الطمث بحقوق الإنسان؟
ما الذي يحتاجه الأفراد أثناء انقطاع الطمث؟
كيف يؤثر انقطاع الطمث على الصحة النفسية؟
ما هي الخرافات الشائعة حول انقطاع الطمث؟
كيف يؤثر انقطاع الطمث على وضع النساء في المجتمع؟
هل يمكن تجنب انقطاع الطمث أو إرجاع الطمث بعد انقطاعه؟
ما هي التأثيرات الإيجابية لانقطاع الطمث؟
هل يعاني الرجال من فترة مشابهة لفترة انقطاع الطمث؟ ما معنى انقطاع الطمث لدى الرجال أو انقطاع الطمث الذكري؟
ما هي الخطوات التي يتّخذها صندوق الأمم المتحدة للسكان بشأن مسألة انقطاع الطمث؟
انقطاع الطمث هو عملية طبيعية تمثل نهاية الدورة الشهرية. وهي عملية تحدث عندما يتوقف المبيضان عن إطلاق البويضات اللازمة للتخصيب. يبدأ انقطاع الطمث عادةً بين سن 45 و55 عاماً.
يحدث انقطاع الطمث بشكل عام على ثلاث مراحل: مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، ومرحلة انقطاع الطمث، ومرحلة ما بعد انقطاع الطمث:
جميع النساء تمر بمرحلة انقطاع الطمث بين سنّ 45 و55 عاماً كجزء طبيعي من العملية البيولوجية للتقدم في السنّ. وبحلول عام 2050، من المتوقع أن تشكل النساء اللواتي يتجاوزن الخمسين عاماً حوالي 35% من سكان العالم، وذلك بفضل التحسينات في الحصائل الصحية وأنماط الحياة، وسط زيادة ملحوظة في متوسط العمر المتوقع في جميع أنحاء العالم.
إذا حدث انقطاع الطمث قبل سن الأربعين، يُشار إليه بانقطاع الطمث المبكر. قد يحدث انقطاع الطمث المبكر لدى نسبة تصل إلى 8.6 في المائة من النساء، بينما قد يحدث انقطاع الطمث المبكر (من 40 إلى 44 عاماً) لدى نسبة تصل إلى 9.4 في المائة من النساء. تبرز الحاجة إلى إجراء مزيد من الأبحاث إلا أنّ عواقب انقطاع الطمث المبكر قد تشمل ارتفاع خطر الإصابة بخلل في الجهاز العصبي، وارتفاع ضغط العين (الجلوكوما)، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وترقق العظام، وارتفاع معدلات الوفيات بشكل عام.
وقد يعاني أيضاً من انقطاع الطمث الرجالُ العابرون جندريًا واللاثنائيين جندريًا وبينيي الجنس ومن لديهم خصائص جنسية مختلفة. لدى الأشخاص المتنوعين جندريًا احتياجات صحية فريدة من نوعها يجب أن يكون مقدمو الرعاية الصحية على دراية بها، على أن تُتاح لهؤلاء الأشخاص إمكانية الوصول إلى الرعاية المتخصصة عند الضرورة.
ما من تجربة موحدة يعيشها كل مَن يعاني من انقطاع الطمث إذ تختلف الأعراض بشكل كبير من شخص لآخر. ففي حين أن بعض النساء بالكاد يشعرنَ بتأثيراته، تعاني أخريات من أعراض شديدة يمكن أن يكون لها عواقب سلبية على نوعية حياتهنّ. بالنسبة لبعض الأفراد، يمكن أن تستمر الأعراض لعدة سنوات أو حتى عقود.
يمكن أن تؤثر التغييرات الهرمونية المرتبطة بفترة ما قبل انقطاع الطمث وانقطاع الطمث وما بعد انقطاع الطمث على الصحة البدنية والعاطفية والاجتماعية والنفسية. وتشمل الأعراض المصاحبة لهذه المراحل ما يلي:
(انظر: هل مِن مخاطر صحية معينة مرتبطة بانقطاع الطمث؟)
ظراً لتنوع أعراض انقطاع الطمث، حيث تواجه العديد من النساء تحديات متعددة في آن واحد، يميل الأفراد إلى اعتماد مجموعة من الاستراتيجيات للتعامل مع أعراضهم بفعالية. ويمكن أن تتضمن هذه النهج تعديلات بسيطة في نمط الحياة كضمان برودة درجة حرارة الغرفة، وممارسة تمارين رياضية بشكل منتظم، واختيار ملابس خفيفة تضمن راحة الفرد، فضلاً عن تقنيات أكثر تنظيماً لإدارة الإجهاد مثل التأمل أو تمارين الاسترخاء أو العلاج بالإبر الصينية. في حالات أخرى، قد تلجأ العديد من النساء إلى تدخلات طبية، مثل العلاج بالهرمونات البديلة، أو المكملات الغذائية، أو الإستروجين المهبلي، أو أدوية أخرى مثل مضادات الاكتئاب، لتخفيف الأعراض وتحسين صحتهن بشكل عام.
عدم التعامل ومعالجة الآثار الجانبية لفترة انقطاع الطمث يمكن أن تؤدي إلى آثار صحية سلبية طويلة الأمد. من الضروري أن تتلقى جميع النساء رعاية ومعلومات مناسبة للحفاظ على صحة بدنية جيدة خلال فترة انقطاع الطمث.
مع انخفاض مستويات الإستروجين، يرتفع خطر الإصابة بمشكلات القلب والأوعية الدموية مثل الجلطات نتيجة التغيرات في وظيفة الأوعية الدموية وأيض الدهون. كما يزداد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في خلال فترة ما بعد انقطاع الطمث، وخاصةً لدى النساء اللواتي يعانينَ من انقطاع الطمث المبكر (قبل بلوغ 45 عاماً). أظهرت إحدى الدراسات أنّ النساء اللواتي يعانينَ من الهبات الساخنة المتكررة أو المستمرة في خلال فترة انقطاع الطمث المبكر تزداد لديهنّ مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة تتراوح بين 50 إلى 80 في المائة، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية وقصور القلب. من هنا، تُبرز هذه النتائج أهمية مراقبة صحة القلب والأوعية الدموية أثناء انقطاع الطمث وبعده، خصوصاً لدى النساء اللواتي تظهر لديهنّ الأعراض في وقت مبكر.
بالإضافة إلى ذلك، يؤدي انخفاض هرمون الإستروجين إلى إضعاف العظام، ما يسرع من فقدان الكتلة العظمية ويزيد بشكل كبير من احتمال الإصابة بترقق العظام، وهو ما يزيد من خطر الإصابة بالكسور، خاصةً في العمود الفقري والوركَين والمعصمَين. أيضاً، تزيد التغييرات الهرمونية المصاحبة لانقطاع الطمث من خطر التدهور الإدراكي، حيث يلعب الإستروجين دوراً حامياً في وظائف الدماغ، ما يجعل النساء أكثر عرضة للأمراض التنكسية العصبية كمرض الزهايمر.
كما أنّ فقدان الإستروجين يؤثر بشكل كبير على صحة المهبل. إذ تُصبِح أنسجة جدران المهبل أرقّ وأكثر جفافاً وهشاشة في حالة تُعرَف باسم الضمور المهبلي أو المُتلازِمة التناسلية البولية لانقِطاع الطمث. وهو أمر يسبب الانزعاج أثناء النشاط الجنسي كما أنه يزيد من خطر الإصابة بتمزقات دقيقة ويجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بعدوى منقولة جنسياً. كما أنّ الأنسجة الضعيفة خاصةً في منطقتي المهبل والإحليل تجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بعدوى المسالك البولية من خلال السماح للبكتيريا بالوصول بسهولة إلى المثانة. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي فقدان هرمون الإستروجين إلى تغيير توازن درجة الحموضة في المهبل، ما يقلل من دفاعاته الطبيعية ضد البكتيريا الضارّة ويزيد من خطر الإضرار بالصحة المهبلية بشكل عام.
يمكن أن تؤدي هذه التغييرات إلى تفاقم عواقب العنف الجنسي: تشير الأبحاث إلى أنّ النساء بعد انقطاع الطمث يتعرضنَ "لإصابات أكثر تواتراً وشدة في الأعضاء التناسلية نتيجة الاعتداء الجنسي مقارنة بالنساء الأصغر سناً".
بمجرد انقطاع الطمث، قد تصبح ممارسة الجنس مؤلمة نتيجة انخفاض هرمون الإستروجين، بالإضافة إلى تقلبات المزاج والإرهاق الناتج عن اضطراب النوم أو قلته. لكن على الرغم من ذلك يمكن للنساء أن يمارسن الجنس أثناء انقطاع الطمث وبعده. يمكن أن تساعد علاجات أعراض انقطاع الطمث على تحسين الرغبة الجنسية، بينما يمكن للإستروجين المهبلي أو المزلقات المهبلية ذات الأساس المائي أن تخفف من جفاف المهبل. يؤدي الحفاظ على النشاط الجنسي إلى تعزيز تدفق الدم إلى المهبل، وهذا من شأنه أن يخفف بعض الحالات مثل ترقق جدار المهبل. ويمكن أن تساعد تمارين تقوية عضلات قاع الحوض في تخفيف جفاف المهبل والآلام المصاحبة لممارسة الجنس والحد من التبول المتكرر.
على الرغم من أن الحاجة إلى الوقاية من الحمل قد تنتهي خلال فترة انقطاع الطمث، يوصى باستخدام وسائل منع الحمل لتجنب الحمل غير المقصود حتى بعد مرور 12 شهراً متتالياً بدون حيض. فحتى عندما تنتهي الحاجة إلى الوقاية من الحمل، تبقى سائر خدمات الصحة الجنسية والإنجابية ضرورية.
في خلال فترة انقطاع الطمث وفترة ما قبل انقطاع الطمث، تبقى قائمة إمكانية الإصابة بعدوى منقولة جنسياً ولا سيّما فيروس العوز المناعي البشري، وذلك من خلال الاتصال الجنسي غير المحمي، بما في ذلك الجنس الفموي والشرجي والمهبلي. من هنا، يؤدي ترقق جدار المهبل بعد انقطاع الطمث إلى زيادة خطر حدوث آفات وتمزقات، وبالتالي زيادة خطر انتقال فيروس العوز المناعي البشري (أو أي عدوى أخرى منقولة جنسياً) أثناء ممارسة الجنس المهبلي. هذا يعني أن النساء النشطات جنسياً اللواتي يبلغنَ من العمر 50 عاماً فأكثر معرضات لخطر الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري أو بأي عدوى أخرى منقولة جنسياً.
الأشخاص الذين يبلغون من العمر 50 عاماً فأكثر لديهم عموماً تصوّراً غير كافٍ عن خطر إصابتهم بفيروس العوز المناعي البشري وعن أعراض هذا الفيروس بشكل عام. يجب على كبار السن النشطين جنسياً الاستمرار في استخدام الواقيات الأنثوية والذكرية لمنع انتقال فيروس نقص المناعة البشري أو أي عدوى منقولة جنسياً.
أظهرت الأبحاث الحديثة أن أعراض انقطاع الطمث قد تختلف حسب العرق والانتماء العرقي. ووفقًا لدراسة كبيرة، ممتدة زمنيا و متعددة المواقع أجريت في الولايات المتحدة منذ عام 1996، فإن النساء السود واللاتينيات يبدأن انقطاع الطمث قبل النساء البيض بسنتين في المتوسط، ويعانين من الأعراض لمدة أطول بمرتين. كما تعاني النساء السود واللاتينيات من نزيف أكثر غزارة أثناء فترة ما قبل انقطاع الطمث.
قد تختلف أعراض انقطاع الطمث أيضاً حسب المنطقة. على سبيل المثال، إنّ أكثر الأعراض شيوعاً التي أبلغت عنها النساء في الفلبين هي الآلام المنتشرة في الجسم، بينما في الولايات المتحدة، غالباً ما تشير النساء إلى التعرق الليلي والهبات الساخنة والأرق. ومع ذلك، تبيّن داخل الولايات المتحدة أنّ النساء ذوات البشرة السوداء هنّ اللواتي يعانينَ من هبّات ساخنة في أغلب الأحيان علماً أنّ النساء الآسيويات يعانينَ منها بدرجة أقل.
ويمكن أن تُعزى هذه الفوارق جزئياً إلى تأثيرات "التجوية"، وهو مصطلح يشير إلى كيفية تأثير التمييز ولا سيّما العنف الذي يتعرض له الفرد على مدار حياته على صحته العامة. تُظهر هذه النتائج أهمية تبني نهج شامل يمتد على مدار الحياة لمعالجة انقطاع الطمث.
حقوق الإنسان هي حقوق يتمتع بها كل إنسان بحكم كونه إنساناً. تتقاطع تجربة انقطاع الطمث مع أجزاء كثيرة من حياة النساء، بما في ذلك الصحة والعمل والمشاركة الاجتماعية والرفاه العام. ولذلك فهي ترتبط ارتباطاً مباشراً بقدرتنا على ممارسة العديد من حقوقنا كإنسان وتمتعنا بها.
عندما لا تستطيع النساء اللواتي يعانينَ من انقطاع الطمث الحصول على خدمات صحية جيدة أو معلومات دقيقة عن أعراضهنّ، يمكن أن يعانينَ من ضائقة نفسية وعاطفية وجسدية. غالباً ما تشعر النساء بالتردد في مناقشة أعراضهنّ مع الآخرين في دوائرهنّ الاجتماعية، وحتى مع أخصائيي الرعاية الصحية. وقد يؤدي هذا التردد إلى ارتباك وشعور بالعزلة وزيادة القلق لدى النساء اللواتي لا يدركنَ أنّ الأعراض التي يعانينَ منها مرتبطة بانقطاع الطمث. وقد لاحظت إحدى الدراسات التي أجريت في المملكة المتحدة أنّ فحوصات الصحة النفسية لم تُدمج في الرعاية الصحية المتعلقة بانقطاع الطمث، حيث أفادت النساء بمواجهة مواقف رافضة أو سلبية من جانب أخصائيي الرعاية الصحية، ووجود تدابير علاجية غير فعالة، وشح في المعلومات المتعلقة بالأعراض وسوء تقدير أسبابها، وقلة المعرفة المهنية في هذا المجال، بالإضافة إلى حاجة للدفاع عن النفس.
حتى أنّ بعض النساء قد يتعرضنَ للنبذ أثناء انقطاع الطمث، إذ أظهرت إحدى الدراسات من الصين أنّ النساء في هذه المرحلة يُنظر إليهنّ على أنهنّ "غير طبيعيات" وغالباً ما يتم نبذهنّ نتيجةً لذلك، حتى داخل منازلهنّ. وقد أفادت نساء من جميع أنحاء العالم عن شعورهنّ بـ"التجاهل" بمجرد انتهاء سنواتهنّ الإنجابية. كما أنّ نقص المعلومات قد يؤدي إلى إدامة الصور النمطية الضارّة والمحرمات المرتبطة بالنساء المسنات (انظر: كيف يؤثر انقطاع الطمث على الصحة النفسية؟).
قد ينتج عن انقطاع الطمث عواقب اقتصادية أيضاً. إذ تفيد تقارير جمعية فوسيت بأنّ واحدة من كل عشر نساء قد اضطرت إلى ترك وظيفتها بسبب أعراض انقطاع الطمث.
فيما يلي قائمة بحقوق الإنسان المتفق عليها عالمياً والتي قد تتأثر سلباً في مرحلة انقطاع الطمث:
يتجاوز التعاملُ مع انقطاع الطمث مجرّد معالجة الأعراض الجسدية، فهو يستلزم اتباع نهج شامل يتضمّن الدعم العاطفي والاجتماعي والجنسي. كما أنّ انقطاع الطمث لا يمثل نهاية الحياة الجنسية للفرد ولا يشكّل انتقاصاً من حقوقه الإنجابية. ورغم أنّ النساء لا يحتجنَ إلى وسائل منع الحمل بعد انقطاع الطمث، يجب أن تُتاح لهن إمكانية الوصول إلى مجموعة كاملة من خدمات الصحة الجنسية لتلبية احتياجاتهنّ المتغيّرة.
يركّز العديد من برامج الصحة الجنسية والإنجابية على الأمومة وتنظيم الأسرة، إلا أنّ صندوق الأمم المتحدة للسكان يدعو إلى اتباع نهج قائم على دورة الحياة لتلبية جميع الاحتياجات المرتبطة بصحة النساء من مرحلة ما قبل الحيض إلى ما بعد انقطاع الطمث. في هذه المرحلة، ينبغي أن تحظى النساء بدعم من مجتمعاتهنّ المحلية وأن يتم تمكينهنّ من اتخاذ قرارات مستنيرة تركّز على صحتهنّ ورفاههنّ، ما يضمن لهنّ حياةً مرضية.
في خلال فترة انقطاع الطمث، يمكن أن يؤثر تغيُّر مستويات الهرمونات على الصحة النفسية للفرد. عندما تصبح الإباضة غير منتظمة، قد يؤدي انخفاض مستويات هرمونَي البروجسترون والإستروجين إلى تقلبات مزاجية وإلى مزاج سيء وشعور بالقلق. وإنّ عدم النوم بسبب الأرق قد يؤدي أيضاً إلى ارتفاع مستويات التوتر. في حين أن التغيرات المزاجية في خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث وفترة انقطاعه عادةً ما تكون خفيفة، إلا أنّ النساء اللواتي عانينَ من الاكتئاب أو القلق في السابق قد يلاحظنَ عودة الأعراض.
في هذا الإطار، يبدو أنّ الوصم المرتبط بتقدم النساء في السنّ يساهم في تعزيز شعورهن بالتجاهل ويؤدي إلى شعور بعض المسنّات بالعجز والعزلة. إذ غالباً ما يتم تصوير النساء بعد انقطاع الطمث على أنهنّ غير عقلانيات أو هستيريات أو نساء بلا هدف أو قد يتم التعامل معهنّ على هذا الأساس. وهذه التصورات من شأنها أن تمنع النساء من مناقشة أعراضهنّ وتجاربهنّ حتى مع الأطباء المتخصصين.
تماماً كما يؤثر انقطاع الطمث على الصحة النفسية، فإنّ الصحة النفسية تؤثر بدورها على تجربة انقطاع الطمث. قد توجد صلة بين الإجهاد المزمن وانقطاع الطمث المبكر، كما أنّ انقطاع الطمث المبكر يحمل معه مخاطر صحية خاصة به (يُرجى مراجعة هل هناك مخاطر صحية معينة مرتبطة بانقطاع الطمث؟).
يعتبر حصول النساء اللواتي يعانينَ من انقطاع الطمث على رعاية جيدة للصحة النفسية جيدة هو أمر بالغ الأهمية لضمان تلبية الاحتياجات الصحية العامة للمرأة.
توجد العديد من المحرمات والخرافات المرتبطة بانقطاع الطمث والنساء اللواتي يعانينَ منه. في مختلف أنحاء العالم، تسببت المفاهيم الخاطئة حول انقطاع الطمث في نبذ النساء المسنات وإقصائهنّ، وإحجامهنّ عن السعي للحصول على الدعم. في ما يلي قائمة غير شاملة بالخرافات المتعلقة بانقطاع الطمث.
الخرافة: لا يمكن حدوث حمل أثناء انقطاع الطمث.
توجد العديد من المحرمات والخرافات المرتبطة بانقطاع الطمث والنساء اللواتي يعانينَيمكن أن تحمل النساء في خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث، وهي المرحلة الأولى من انقطاع الطمث. تُعرَّف فترة ما قبل انقطاع الطمث بأنها المرحلة التي تبدأ فيها أعراض انقطاع الطمث لأول مرة وتستمر حتى بعد عام على آخر دورة شهرية. يوصى باستخدام وسائل منع الحمل لتجنب الحمل غير المرغوب فيه حتى بعد مرور 12 شهراً متتالياً بدون حدوث حيض.
الخرافة: لا يمكن الإصابة بعدوى منقولة جنسياً أثناء انقطاع الطمث أو بعده.
تبقى إمكانية الإصابة بعدوى منقولة جنسياً، ولا سيّما فيروس العوز المناعي البشري، قائمة وذلك من خلال الاتصال الجنسي غير المحمي، سواء كان عن طريق الفم أو الشرج أو المهبل، وبغض النظر عن العمر أو مرحلة الإنجاب. يؤدي ترقق جدار المهبل بعد انقطاع الطمث إلى زيادة خطر حدوث آفات وتمزقات، وبالتالي زيادة خطر انتقال فيروس العوز المناعي البشري أثناء ممارسة الجنس المهبلي (يُرجى مراجعة هل من الممكن الإصابة بعدوى منقولة جنسياً أثناء انقطاع الطمث؟).
الخرافة: فقط الأعراض الشديدة لانقطاع الطمث هي التي تتطلب علاجاً.
تتعامل العديد من النساء مع أعراض انقطاع الطمث في المنزل ولكن من المهم أن يعمدنَ إلى استشارة مقدم الرعاية الصحية لضمان حصولهنّ جميعاً على الدعم اللازم لانتقال صحي. فحتى الأعراض الشائعة لانقطاع الطمث مثل الهبّات الساخنة والتعرق الليلي يمكن ربطها بسوء أداء الذاكرة وتغيرات في بنية الدماغ ووظيفته وترابطه. يجب أن تكون الفحوصات الصحية المنتظمة وإمكانية الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة حول المخاطر المحددة التي تواجهها النساء في فترة انقطاع الطمث متاحة لكل شخص سيمرّ لاحقاً بهذه المرحلة أو يمرّ بها حالياً.
الخرافة: وحدها النساء تعاني من انقطاع الطمث.
الرجال العابرون جندريًا والأشخاص المتنوعون جندريًا يعانون أيضاً من انقطاع الطمث ولديهم احتياجات صحية خاصة بهم. هناك حاجة ملحة لمزيد من البيانات في هذا المجال، على أن يعي مقدمو الرعاية الصحية الاحتياجات المحددة للأفراد من الجنسين في ما يتعلق بانقطاع الطمث ومتطلبات التقدم في السنّ.
الخرافة: ليس للنساء بعد مرحلة انقطاع الطمث أي هدف في المجتمع.
الفكرة القائلة إنّ النساء يفقدن قيمتهن بمجرد انتهاء سنواتهن الإنجابية هي فكرة متجذرة في معاداة النساء وهي فكرة غير صحيحة. إنّ سنوات ما بعد انقطاع الطمث في حياة النساء لا تقل أهمية عن أي مراحل أخرى، بل يمكن أن تمثل فترة فريدة تتيح لهن التركيز على أنفسهن والمساهمة في الأسرة والمجتمع ومساعدة الآخرين على النمو والتعلم واستكشاف اهتمامات جديدة.
بالإضافة إلى التأثيرات البيولوجية لانقطاع الطمث، يترافق أيضاً مع آثار اجتماعية وعاطفية ونفسية عميقة يمكن أن تؤثر على تجربة النساء وجميع الأشخاص الذين يحيضون. وتتأثر تجارب النساء في خلال فترة انقطاع الطمث بشكل كبير بالعوامل الاجتماعية والثقافية مثل الانتماء العرقي والإثنية والطبقة الاجتماعية والتوجه الجنسي. في هذا الإطار، تشير الدراسات إلى أنّ حالة الصحة العاطفية والجسدية للمرأة قبل انقطاع الطمث، بالإضافة إلى موقف مجتمعها تجاه مرحلة انقطاع الطمث وتقدّمها في السن، هي بمثابة مؤشرات تنبئ بنوعية حياتها خلال فترة انقطاع الطمث.
بالنسبة لجميع النساء، يمثل انتهاء سنوات الإنجاب تغييراً مهماً ووقتاً للنمو الشخصي. وبغض النظر عن الاختلافات في كيفية اختبار مرحلة انقطاع الطمث، فإنّ الانتقال إلى هذه المرحلة يمنح وقتاً لإعادة تقييم الصحة ونمط الحياة والأهداف الذاتية. في العديد من الثقافات، يُنظر إلى انقطاع الطمث ويُحتفى به كجزء من طقوس الخصوبة. وفي بعض مجتمعات السكان الأصليين، تشارك النساء في احتفالات داخل أكواخ للتعرق في مرحلة انقطاع الطمث بهدف تحقيق الشفاء الجسدي والعاطفي وطلب الإرشاد لهذه المرحلة الجديدة من الحياة. إن الاحتفاء بمرحلة انقطاع الطمث يمنح النساء شعوراً بالتمكين، ما يساهم في تحقيق استقلال مالي أكبر، وتعزيز التمكين والرعاية الذاتية، وزيادة مستويات الثقة بالنفس.
عندما نعترف بالنساء ككائنات بشرية كاملة وعضوات فاعلات في المجتمع، بدلاً من النظر إليهن على أن دورهن وهدفهن الوحيد هو الإنجاب، يمكننا أن نضمن أن تظل النساء المسنات موضع تقدير وأن يشعرنَ بأنهنّ يستحققنَ الرعاية والدعم.
لا يمكن تجنب انقطاع الطمث بالنسبة لمن لديهم مبيضان يعملان سواء النساء والأفراد المتنوعين جندريًا. ومع ذلك، يمكن التعامل مع الأعراض والتأثيرات الجانبية لانقطاع الطمث بمساعدة مقدمي الرعاية الصحية.
عندما تحصل النساء على خدمات صحية جيدة طوال حياتهنّ، يمكنهنّ التخطيط بشكل أفضل لمرحلة انقطاع الطمث من خلال اتباع خيارات لنمط حياة صحي وتغذية مناسبة وفهم احتياجات أجسامهنّ. وهذا الأمر يسهّل الانتقال إلى مرحلة انقطاع الطمث ويخفف بعض الأعراض التي يواجهنَها.
ينطوي انقطاع الطمث على تحديات معيّنة إلا أنه يمثل أيضاً مرحلة جديدة وإيجابية في حياة العديد من النساء. فقد أعرب الكثير منهنّ عن ارتياحه من إدارة الدورة الشهرية والحاجة إلى وسائل منع الحمل، ما أتاح لهنّ قدراً أكبر من الحرية والعفوية.
بالنسبة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً، غالباً ما تتزامن فترة ما بعد انقطاع الطمث مع نهاية أعراض انقطاع الطمث، وكذلك التقاعد أو انخفاض ضغط العمل. وقد يتزامن ذلك مع استقلالية الأطفال، فتصبح هذه الفترة مخصّصة للتجديد حيث يمكن للأفراد إعادة توجيه طاقاتهم نحو اهتماماتهم الشخصية وأهدافهم الجديدة.
يوفر هذا الانتقال فرصةً للأفراد لإعادة تقييم نمط حياتهم وصحتهم وأهدافهم. إذ تستغل العديد من النساء هذا الوقت للعمل على نموهنّ الشخصي واستكشاف الهوايات وحتى متابعة مسارات مهنية جديدة. إنّ اعتماد نهج دورة الحياة في التعامل مع الصحة يضمن للأفراد الشعور بالدعم طوال حياتهم، ما يعزز سلوكاً إيجابياً تجاه الشيخوخة والرفاه.
غالباً ما يُستخدم مصطلح "انقطاع الطمث الذكري" للإشارة إلى التغييرات الهرمونية المرتبطة بالعمر والتي تحدث عند الرجال. وقد تشمل التغييرات فقدان الدافع الجنسي وضعف الانتصاب ومشاكل على مستوى الصحة النفسية فضلاً عن أعراض أخرى جسدية وعاطفية، وذلك في أواخر الأربعينيات إلى أوائل الخمسينيات. قد يكون المصطلح مضللاً لأنه يوحي بأنّ الأعراض ناتجة عن انخفاض مفاجئ في هرمون التستوستيرون في منتصف العمر، على غرار انخفاض هرمون الإستروجين الذي تعاني منه النساء أثناء انقطاع الطمث. لكن في حين أنّ التغييرات الهرمونية تحدث لدى الرجال، إلا أنها تميل إلى الحدوث على مدى فترة زمنية أطول.
الفحوصات المنتظمة لها أهميتها بالنسبة لكبار السن من الرجال بُغية كشف العلامات المبكرة للمرض. وتساهم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والحصول على نوم جيد واتباع نظام غذائي متوازن في الحفاظ على مستويات صحية من التستوستيرون.
ويقود صندوق الأمم المتحدة للسكان الجهود الداعية إلى دمج خدمات الصحة المتعلقة بانقطاع الطمث ضمن برامج الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية على نطاق أوسع باعتبارها جانباً أساسياً من جوانب الرعاية الصحية الشاملة للنساء وجميع الأشخاص الذين يحيضون. يُعدّ دمج انقطاع الطمث في برامج الصحة الجنسية والإنجابية بمثابة خطوة تعترف بالاحتياجات الفريدة للرعاية الصحية لدى النساء وجميع الأشخاص الذين يحيضون مع تقدّمهم في السن. ويؤدي هذا الدمج إلى تعزيز مراعاة المنظور الجندري من جوانب متعددة في تقديم الرعاية الصحية، ويساهم في تقليل الوصم المرتبط بانقطاع الطمث.
كما يسعى صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى تطوير موارد تعليمية وإلى الدعوة لاعتماد سياسات محدّدة في مكان العمل تدعم النساء في مرحلة انقطاع الطمث. والأهم من ذلك كله، يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على كسر حاجز الصمت حول انقطاع الطمث من أجل ضمان حصول النساء على الدعم الذي يحتجنَه ومواصلتهنّ التعبير عن آرائهنّ في خلال هذه المرحلة من حياتهن.