كيف يشرك صندوق الأمم المتحدة للسكان الرجال والفتيان لتغيير المواقف الضارة وتعزيز المساواة بين الجنسين

باكو، أذربيجان/باك جيانج، فيتنام – بالنسبة لكثير من الناس، يكون معرفة جنس طفلهم هو سبب للاحتفال - الكشف عن الابن أو الابنة الذين طالما حلموا بهم. بالنسبة للآخرين، يمكن أن يكون مصدرا للقلق الساحق - خاصة إذا كانوا يعتقدون أنها قد تكون فتاة.

حتى يومنا هذا، تُبخص النساء والفتيات حق قدرهن بشكل منهجي مقارنة بالرجال والفتيان، على الرغم من  أن المساواة بين الجنسين شرط مسبق مثبت للنهوض بالتنمية والحد من الفقر.  فتمكين النساء والفتيات يساهم في تكوين أسر أكثر صحة وإنتاجية، واقتصادات أقوى، ومستقبل أكثر إشراقا للأجيال القادمة. 

ومع ذلك، في العديد من البلدان، لا تزال فرص تعليم الفتيان وتوظيفهم تحظى بالأولوية، بينما تتعرض الفتيات لخطر إجبارهن على الزواج المبكر أو زواج الأطفال لتخفيف الضغط المالي على الأسر. وعلى الصعيد العالمي، لا تزال النساء يكسبن 77 سنتا فقط مقابل كل دولار يكسبه الرجل، ويقمن بعمل غير مدفوع الأجر على الأقل 2.5 مرة أكثر من الرجال. 

وفي أحوال أكثر تطرفا من هذه المعايير المتحيزة ضد النساء تكمن مسألة تفضيل الأبناء، حيث يتم إنهاء الحمل الذي يأتي بأنثى، ويتم ذلك قسرا في كثير من الأحوال؛ ومن ترفضن ذلك الإكراه يمكن أن تصبحن عرضة لخطر الإقصاء والعنف والهجر من قبل شركائهن وأسرهن.

وقد أدى تفضيل الأبناء إلى ما يقدر بنحو 140 مليون امرأة "مفقودة"، وتميل نسب الجنس عند الولادة في بعض الأحيان لصالح الأولاد. ويمكن أن يكون لهذا الاختلال في التوازن بين الجنسين آثار دائمة ومدمرة على المجتمعات ويخنق التقدم المهني للنساء والفتيات. كما يمكن أن يؤدي إلى معدلات أعلى من المعايير الضارة الأخرى، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وزواج الأطفال - وكلها تشكل حاجزا هائلا أمام تحقيق المساواة بين الجنسين.

تصحيح التوازن

فيما يلي نلقي نظرة على كيفية إطلاق صندوق الأمم المتحدة للسكان، وهو وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية، برامج في العديد من البلدان لمواجهة هذا التمييز وتجهيز الرجال والفتيان على وجه الخصوص للدعوة ضده. 

لأنه كما قالت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة ناتاليا كانيم: "عندما نطلق العنان للإمكانات الكاملة للنساء والفتيات - تشجيع ورعاية رغباتهن في حياتهن وأسرهن ومهنهن - فإننا نحشد نصف القيادة والأفكار والابتكار والإبداع لتحسين المجتمع".

تحدي الأعراف في "مدرسة بابا" في أذربيجان

في بلد لا يزال فيه تفضيل الابن منتشرا على نطاق واسع، قال توفيغ ساديخوف، وهو أب لطفلين، إنه بعد ولادة ابنته وحمل زوجته مرة أخرى، ذكره الأقارب والأصدقاء باستمرار بأهمية "الأخ للأخت". 

لكن السيد ساديخوف تمنى شيئا واحدا فقط: ألا وهو طفل سليم. سواء صبي أو فتاة، حيث يعتقد هو وزوجته أن الطفل نعمة. أما في أذربيجان، فإن كثيرين آخرين يفكرون بشكل مختلف. ويمكن أن تكون أسباب ذلك مالية، لأن حقوق الميراث والأرض تمر في المقام الأول من خلال أفراد الأسرة الذكور في أذربيجان، وغالبا ما يكسب الرجال دخلا أعلى. كما أن الأعراف الاجتماعية تحيل بعض الطقوس الدينية والثقافية إلى الأبناء. 

ومع ذلك، يمكن تحدي حتى الصور النمطية الراسخة، ومن الأمثلة على ذلك مدرسة بابا التابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان في أذربيجان. توفر المبادرة التدريب للرجال ليصبحوا شركاء أكثر انخراطا ومساواة، فضلا عن مساحة آمنة لمناقشة واكتشاف كيفية تأثير التمييز بين الجنسين عليهم وعلى أسرهم ومجتمعهم. 

وقال ساديخوف إن العديد من الرجال اتصلوا به بعد الجلسات للتعبير عن أسفهم لإقناع شركائهم بإنهاء الحمل في حال كان الجنين أنثى.

وقال: "خلال المحادثات والتدريب مع مئات الآباء، كان من الملهم أن نشهد تحول مواقفهم، وأن نلاحظ جو الاحترام المتبادل والثقة والاطمئنان، وأن نرى كيف أصبح العديد منهم نسخا أفضل من أنفسهم".

النهوض من أجل المساواة بين الجنسين في فيتنام

على بعد أكثر من 5,000 ميل في فيتنام، كان السيد نغوين* يتعامل مع ضغوط مماثلة: فبعد أن أنجب ابنتين، بدأ في البحث عن طرق لضمان أن يسفر حمل زوجته التالي عن صبي. 

يعكس تفكيره أدوار الجنسين المتجذرة بعمق في المجتمع الفيتنامي. المهم هو استمرار خط الأسرة، لأن والدي هو الابن الأكبر وأنا ابنه الوحيد".

وفقا لتعداد فيتنام لعام 2019، كانت نسبة الجنس عند الولادة 111.5 فتى إلى كل 100 فتاة في ذلك العام – أي أعلى من النسبة الطبيعية بيولوجيا البالغة حوالي 105 فتيان إلى 100 فتاة. هذا التشوه مدفوع بالاختيار المتحيّز جنسانياً لجنس المولود، والذي بدونه ستحدث ما يقدر بنحو 45,900 ولادة أنثى في البلاد كل عام.

ولمواجهة ذلك، تعاون صندوق الأمم المتحدة للسكان مع حكومة فيتنام واتحاد المزارعين الفيتناميين لإنشاء عشرة نوادي للأبوة المسؤولة في مقاطعتي باك جيانغ وبا ريا - فونغ تاو. توفر النوادي مساحة للتعرف على أدوار الجنسين في المجتمع وتربية الأطفال والتغلب على الضغط لإنجاب الأبناء. وعلى نطاق أوسع، تبين أنها تقود المزيد من الرجال إلى تحمل المسؤوليات المنزلية، وإلى عدد أقل من الناس الذين يوافقون على أن كل أسرة يجب أن يكون لها ابن واحد على الأقل لمواصلة سلالة الأسرة. 

وقال نغوين إنه لا يقلق كثيرا بشأن من سيعتني به وبزوجته في شيخوختهما أو بشأن إنجاب المزيد من الأطفال. "إذا كانت البنات يتصرفن بشكل جيد وناجح، فهذا جيد بما فيه الكفاية."

لقد أثبتت معالجة عدم المساواة بين الجنسين فوائد دائمة للمجتمع بأسره: لكن الوعي بقيمتها ومساهماتها ضروري لتغيير السلوكيات والمعتقدات الضارة. كما قال عضو آخر في الأبوة المسؤولة، "كنت أتوق سابقا إلى ابن. لكن بعد أن أصبحت جزءا من النادي، فهمت أن جنس طفلي غير مهم طالما أنني قادر على تربيته بشكل جيد". 

* تم تغيير الاسم للخصوصية والحماية