بيان
مسيرة نحو تحقيق المساواة بين الجنسين لصالح الجميع
05 مارس 2025
بيان
05 مارس 2025
بيان صادر عن الدكتورة نتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان (8 آذار/مارس 2025)
يتغيّر العالم بفضل الاستثمارات في صحة النساء والفتيات وحقوقهنّ. فهذه الاستثمارات جعلتنا أقرب إلى تحقيق المساواة في الآراء وسمحت لنا بتوسيع نطاق الخيارات أكثر من أي وقت مضى. ولا شكّ في أنّ المرأة قطعت أشواطاً إلى الأمام ولن تعود إلى الوراء.
لا يمكن إيقاف المسيرة نحو تحقيق المساواة في الحقوق. بل إنّ المسيرة مستمرّة حتى تحقيق المساواة بين الجنسين لصالح جميع النساء والفتيات في كل مكان.
اشتمل كلٌّ من المؤتمر الدولي للسكان والتنمية لعام 1994 والمؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة لعام 1995 المنعقد في بيجين على قطع التزامات تنصّ على النهوض بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، ما أدّى إلى إطلاق العنان لثلاثين عاماً من التقدّم ولا سيّما في مجال الصحة الجنسية والإنجابية. وبالتالي، حشد النشطاء والحلفاء جهودهم في كل بقعة من الأرض لجعل الأمومة أكثر أماناً وإتاحة المزيد من الخيارات أمام النساء فيما يتعلّق بخصوبتهنّ. وقد أدّت جهود الدعوة هذه إلى سنّ قوانين ضد العنف الأسري في الغالبية العظمى من البلدان.
تُعد هذه المكاسب وغيرها من الإنجازات التاريخية التي غيّرت حياة المرأة، فكل جانب من جوانب تمكين المرأة يعتمد على أساس الرفاهية والاستقلالية التي توفرها الصحة الجنسية والإنجابية، بدءاً من التعليم ومروراً بالمشاركة في القوى العاملة ووصولاً إلى القيادة السياسية. فعندما تزدهر النساء والفتيات، تزدهر كذلك أسرهنّ ومجتمعاتهنّ وعالمنا.
تحقيقُ المساواة بين الجنسين يطلق العنان لإمكانات النساء اللواتي يشكّلنَ نصف البشرية، ويسهم بالتالي في بناء مجتمعات أكثر أماناً وازدهاراً للجميع. وهذا ما تؤكده المعاهدات والقوانين الدولية العريقة والملزمة التي وقّعت عليها معظم البلدان، وهو أمر مثبت بالأدلة الدامغة. ومع ذلك، لا تزال الملايين من النساء والفتيات خلف الركب، فكل ثلاث ثوانٍ يتم تزويج طفلة في مكان ما من العالم. والجدير بالذكر أنّ المساواة الكاملة بين الجنسين لم تتحقق في أي بلد على كوكبنا حتى الآن. فالاستثمار في المساواة بين الجنسين لا يزال أقل بكثير مما يجب أن يكون عليه رغم أننا ندرك أنه سينتج مكاسب اقتصادية تُقدّر بتريليونات الدولارات ويحقق فوائد اجتماعية لا تُحصى.
لا تزال القوانين واللوائح الجائرة تقيّد الحقوق، ولا تزال خدمات الرعاية الصحية قاصرة عن تلبية الاحتياجات. فكل 10 دقائق هناك امرأة أو فتاة تلقى حتفها على يد شريكها الحميم أو أحد أفراد أسرتها. تكشف لنا هذه الإحصائية الوحيدة مدى ضآلة التقدم المحرز في وقف العنف المدفوع بكراهية النساء والتمييز ضدّهنّ، وتوضح لنا أنّ هناك أولويات أخرى كثيرة في المجتمعات.
كما أنّ تزايد النزاعات المسلحة والكوارث المناخية يؤدي إلى تفاقم المخاطر وأوجه عدم المساواة، حيث تسجّل النساء والفتيات معدلات أعلى لحالات الحمل غير المرغوب فيه ووفيات الأمهات وتشهد ارتفاعاً في معدلات العنف وزواج الأطفال.
يشكّل هذا اليوم العالمي للمرأة دعوةً لمتابعة المسيرة بإلحاح وتضامن لصالح جميع النساء والفتيات على اختلاف مشاربهنّ. لقد لمسنا في حياتنا الخاصة إلى أي مدى يمكن إحداث تغيير على الرغم من التحديات الكثيرة التي واجهناها، ولدينا القانون الدولي وحقوق الإنسان الأساسية إلى جانبنا، وبين أيدينا أمثلة على التغيير وأدلة تثبت الفوائد التي تحققت، وهذه أدوات قوية لتحقيق المساواة، فلنستخدمها.
سيواصل صندوق الأمم المتحدة للسكان العمل مع الشركاء والحلفاء ومع الحكومات والمجتمع المدني لدعم حقوق المرأة. لن نستكين حتى تتمكّن كل امرأة من الاختيار بين إنجاب الأطفال أو عدم الإنجاب، وحتى تتمكّن من اتّخاذ قرارها الخاص بشأن توقيت الحمل، كي لا تفقد أي امرأة حياتها أثناء الحمل أو الولادة. بفضل تحقيق المساواة بين الجنسين، سوف يتغيّر عالمنا لصالح السكان اليوم وغداً، وهذا يعود بالنفع على الجميع.