أخبار
شرح: ما هو صندوق الأمم المتحدة للسكان؟ ولماذا هو مهم؟
- 24 يناير 2025
أخبار
الأمم المتحدة، نيويورك - اختيار ما إذا كنت ستنجب طفلًا وتوقيت ذلك ومن ستُنجِب معه؛ الولادة بأمان؛ الحياة الخالية من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، كلها حقوق مستَقَر عليها حاليًا في القانون الدولي، لكنها بعيدة المنال بالنسبة لعدد كبير جدًا من الناس. لهذا السبب يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية، في أكثر من 150 دولة، مع الحكومات والخبراء والمنظمات والمجتمعات المحلية، لتأمين صحة وحقوق النساء والفتيات في كل مكان.
ما هدف صندوق الأمم المتحدة للسكان؟
تتمثل مهمة صندوق الأمم المتحدة للسكان في تحقيق عالم يكون فيه كل حمل مرغوبًا فيه، وكل ولادة آمنة، وتتحقق فيه إمكانات كل الشباب. ولتحقيق هذه المهمة، نهدف إلى جعل التمتع بالحقوق الجنسية والإنجابية أمر واقع بالنسبة للجميع. ويعني ذلك ضمان أن يتمكن جميع الناس، وخاصة النساء والشباب، من الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية عالية الجودة، بما في ذلك تنظيم الأسرة الطوعي، حتى يتمكنون من اتخاذ خيارات مستنيرة بشأن حياتهم ومستقبلهم.
لماذا توجد وكالة تابعة للأمم المتحدة مكرسة للصحة والحقوق الإنجابية؟ لأن هذه الحقوق ليست شديدة الأهمية على المستويين الخاص والفردي فحسب، بل تمتد توابعها إلى المجتمعات والاقتصادات والإنسانية بأكملها.
كيف تؤثر الحقوق الإنجابية عليك؟
إن انتهاكات الحقوق الإنجابية – بدءًا من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي وزواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وصولًا للحرمان من المعلومات المرتبطة بوسائل منع الحمل وكيفية الوصول إليها – تمنع النساء والشباب من تحقيق إمكاناتهم الكاملة. عندما تحمل الفتيات، وهن مازلن أطفالًا، يتَسَربن من المدرسة. مَن لا يستطِعن المباعدة بين فترات الحمل معرضات للمضاعفات والإعاقة وحتى الموت. والخسائر الناتجة عن هذه المآسي الفردية هي، في واقع الأمر، عالمية.
التداعيات الاقتصادية عميقةٌ أيضًا: المرأة التي تتوفى أثناء الولادة، بسبب عدم حصولها على رعاية صحية جيدة، لن تنضم إلى القوى العاملة. لن تدفع ضرائب ولن تستثمر في أعمال تجارية ولن تربي الجيل القادم من الأطفال. فالاقتصاد والمجتمع، الذي كانت ستعيش فيهما، سيصيران أكثر فقرًا نتيجةً ذلك.
وبالتالي، فإن كل استثمار في رعاية الصحة الجنسية والإنجابية، وفي إنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي، هو أيضًا استثمار في اقتصادات أكثر شمولًا وقوةً ومرونةً. وفي ظل الهجوم على التعاون العالمي وتمويل المساعدات الإنسانية، والأزمات الناجمة عن تغير المناخ التي تُكبدنا خسائر لا يمكن حسابها، فإن حرمان النساء والفتيات من الحق في الحصول على الرعاية المنقذة للحياة والوصول إليها يعد تصرفًا متهورًا على المستوى الإنساني والاقتصادي والمجتمعي.
ما الذي يقوم به صندوق الأمم المتحدة للسكان؟
على الرغم من عقود التقدم، ما زلنا نعيش في عالم تموت فيه امرأة أو فتاة كل دقيقتين لأسباب متعلقة بالحمل والولادة ويمكن تجنبها. تتعرض واحدة على الأقل من كل ثلاث نساء للعنف الجسدي أو الجنسي في لحظة ما من حياتها بسبب نوعها الاجتماعي.
يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على تحقيق ثلاثة أهداف حاسمة: إنهاء وفيات الأمهات التي يمكن تجنبها، وإنهاء الحاجة غير الملباة لتنظيم الأسرة، وإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي والممارسات الضارة.
في إطار تعزيز الهدف الأول، يتولى صندوق الأمم المتحدة للسكان زمام المبادرة على مستوى العالم في تطوير الرعاية الصحية للأمهات وتدريب القبالة ورفع معاييرهما. ويدافع صندوق الأمم المتحدة للسكان عن القبالة خاصةً، باعتبارها وسيلة منخفضة التكلفة وشديدة الفاعلية في الوصول السريع إلى النساء وإنقاذ الأرواح حتى في أكثر المناطق صعوبة. وفي حال الاستثمار الكامل في رعاية القبالة وتوسيع نطاقها، فإنها ستُجنبنا ثلثي وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة.
مع العلم أن ما يقرب من نصف حالات الحمل في جميع أنحاء العالم غير مقصودة، فإن صندوق الأمم المتحدة للسكان يشكل مصدرًا عالميًا بالغ الأهمية لتنظيم الأسرة. ويساعد ذلك الفتيات والشباب على تجنب حالات الحمل غير المقصودة وتجنب الإجهاض، كما أنه ينقذ الأرواح: على مستوى العالم، تُعد مضاعفات الحمل والولادة أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين الفتيات المراهقات، والإجهاض غير الآمن هو أحد الأسباب الرئيسية لوفيات الأمهات بشكل عام.
في عام 2023 وحده، ساعدت برامج صندوق الأمم المتحدة للسكان في الوصول إلى 27 مليون امرأة وشاب وشابة بخدمات الصحة الجنسية والإنجابية. وساعدت برامج وسائل منع الحمل، التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، على منع ما يقرب من 18 مليون حالة حمل غير مقصود، وحوالي 6 مليون إجهاض غير آمن، وحوالي 34,000 وفاة بين الأمهات.
كما يعد صندوق الأمم المتحدة للسكان رائداً في منع ومعالجة وإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي - وهو أحد انتهاكات حقوق الإنسان الأكثر انتشاراً في العالم. بالإضافة إلى دعم تدابير الحماية والمساحات الآمنة والإدارة السريرية للاغتصاب، يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان أيضًا على التطرق للمعتقدات الضارة التي تعزز ممارسات مثل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، والعنف الجنسي وعنف الشريك الحميم، وزواج الأطفال.
ويتطلع صندوق الأمم المتحدة للسكان أيضًا إلى المستقبل، فيدق ناقوس الخطر بشأن أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي التي تُرتكب من خلال التكنولوجيا الرقمية وتتفاقم من خلالها. فالنساء يواجهن "نقطة تحول... مع انتشار الابتزاز الإلكتروني"، كما تقول عبير في اليمن.
كيف يصل صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى الفئات ذات الأوضاع الأكثر هشاشة؟
يُعَد عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان بالغ الأهمية خاصةً في ظروف الأزمات الإنسانية، حيث لا تتوقف النساء عن الحمل أو الولادة.
يتواجد صندوق الأمم المتحدة للسكان على الأرض في أكثر من 59 دولة تعاني من الأزمات، حيث يوفر رعاية ما قبل الولادة وخدمات صحة الأم والحماية من العنف الجنسي وعلاجه. تقول فاطمة*، وهي أم وناجية من العنف الجنسي، لصندوق الأمم المتحدة للسكان في السودان: "بدون فريق الصحة المتنقل، لا أعرف ما كنت سأفعله".
لا يجوز أن تكون الصحة الجنسية والإنجابية ترفًا متاحًا فقط لمَن يعيشون في سلام وأمان وأمن مالي. تستحق جميع النساء في كل مكان الاستقلالية الجسدية والتمكين والرعاية الصحية – وهنا تكمن أهمية عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان.
ماسيالا أغوستينو، التي كانت حاملاً في شهرها الثامن عندما ضرب إعصار منزلها في مدغشقر، عبرت عن شعورها بالارتياح عند وصول عيادة متنقلة إلى مجتمعها. وقالت: "يثبت لنا ذلك أننا لسنا وحدنا".